لماذا غيرت أمريكا وصف فلسطينيي القدس إلى "المواطنين غير الإسرائيليين"؟

في إجراء جديد يصب في صالح إسرائيل، غيّر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، توصيفه المعتاد للفلسطينيين في القدس الشرقية من "السكان الفلسطينيين" في المدينة، إلى "السكان العرب"، أو "المواطنين غير الإسرائيليين".

ويهدف الإجراء الذي وصف بـ"المخالف للقانون الدولي" بحسب المراقبين إلى تطبيق "صفقة القرن"، التي تنص في أحد بنودها على ضرورة ضم القدس إلى إسرائيل، ومحو أي صفة للفلسطينيين فيها.


ويحمل الفلسطينيون في القدس، الذين يتجاوز عددهم 340 ألفا تصاريح إقامة إسرائيلية، لكن القليل منهم يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة لجعل شرق المدينة، الذي استولت عليه إسرائيل في حرب عام 1967، ثم ضمته لاحقا إليها في إجراء لا يحظى باعتراف دولي، عاصمة لدولة مستقبلية.

قرصنة أمريكية

فايز أبو عيطة، أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، قال إن "إقدام أمريكا على وصف الفلسطينيين في القدس بالمواطنين غير الإسرائيليين ما هو إلا إصرار وإمعان من إدراة ترامب على تزوير التاريخ والقرصنة على الجغرافيا".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "ترامب يصر على اعتبار أن القدس خالية من الفلسطينيين، وهو تطبيق لصفقة القرن، ومحاولة أمريكية إسرائيلية لإرساء المفاهيم التي تتناسب مع تلك الصفقة".

وتابع:
"لكن الشعب الفلسطيني باق على أرضه، ولن تفلح مثل هذه التحركات الأمريكية أو الإسرائيلية في محو ذاكرة الفلسطينيين، أو وجودهم في القدس، وهي أقدس مقدسات العرب والمسلمين".
واستطرد: "نحن متمسكون بالقدس عاصمة لفلسطين، ولن يثنينا عن ذلك مثل هذه الممارسات الإجرامية التي تتنكر للتاريخ، وللحقوق الوطنية الفلسطينية ولقرارات الشرعية الدولية".

بنود "صفقة القرن"

من جانبه، قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "الموقف الأمريكي خطير جدا، ويؤكد على ما جاء في إعلان ما تسمى بصفقة القرن بأن السكان الفلسطينيين الذين يقيمون بداخل ما تسمى الخط الأخضر يجب ترحيلهم بحسب ما تريده إدارة ترامب، بالاتفاق مع حكومة نتنياهو".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "إسرائيل تريد ترحيل السكان الفلسطينيين المقيمين في القدس، وفي المناطق الفلسطينية لعام 1948 بشكل جماعي، تنفيذا لمخطط صفقة القرن، خاصة الجزء المتعلق بالقدس والتي أفردت له الإدارة الأمريكية فصلًا كاملًا".

وتابع: "بحسب الصفقة، هناك 3 خيارات أمام السكان الفلسطينيين المقيمين في القدس، إما الرحيل إلى دولة فلسطين إذا أرادوا حمل جنسيتها، أو قبول التجنس بالجنسية الإسرائيلية، أو حمل جنسية ثالثة لأي دولة، وهذا يجبرهم على التخلي عن جنسيتهم وهويتهم".

وأكد أن
"هذا الإجراء مخالف للقانون الدولي، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد في مادته الـ 17 أن لكل مواطن الحق بحمل جنسيه، في أي مكان بالعالم، ولا يجوز إجباره على التخلي عنها".
واختتم حديثه قائلا: "هذا انتهاك فاضح للقانون الدولي، وأمريكا بهذا القرار تعلن العرب على المنظمات الحقوقية، ولابد أن يكون للأمم المتحدة موقف مضاد، وإعلان صريح للرفض".

تغيير متعمد

وكان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في عامي 2018 و2019 قد أشار إلى فلسطيني القدس الشرقية على أنهم "سكان القدس الفلسطينيون" في أقسام تتعلق بالإجراءات القضائية المدنية والتمييز وحرية الحركة.

وأشارت نفس تلك الأقسام في تقرير 2020 إلى الفلسطينيين بأنهم "السكان العرب" أو "المواطنون غير الإسرائيليين"، في حين انتقد زعماء فلسطينيون هذا التغيير.

ويقاطع الفلسطينيون جهود ترامب للسلام منذ اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017 ثم نقله السفارة الأمريكية إلى المدينة، متهمين واشنطن بالتحيز لإسرائيل.

ويأتي تغيير التوصيف الأمريكي وسط تزايد المشاحنات بشأن المدينة في أعقاب نشر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الشرق الأوسط والتي تقول إن القدس ينبغي أن "تظل العاصمة السيادية لدولة إسرائيل" في أي اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

بدء تطبيق الصفقة

وفي شهر فبراير/ شباط الماضي، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تشكيل فريق للعمل مع اللجنة الأمريكية على رسم خريطة الأراضي التي أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعترف بسيادة إسرائيل عليها.

وقال نتنياهو، في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء، اليوم الأحد "لاحقا لتصريحات الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب بأنه سيعترف بالسيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع البلدات اليهودية في يهودا والسامرة والأراضي الواسعة التي تحيط بها".

وتابع رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي قائلا: "لذلك قررنا تشكيل فريق إسرائيلي سيعمل مع الفريق الأمريكي على رسم خريطة الأراضي، وهذا العمل قد بدأ وهو في خضمه".

وكان نتنياهو قد عبر في وقت سابق عن ثقته باعتراف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بما أسماه "سيادة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت".

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن في الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، عن خطته لتسوية القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، المعروفة بـ "صفقة القرن"، وسط حضور من كبار المسؤولين بإدارته، ورئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وسفراء عمان والإمارات والبحرين.

كتابة تعليق

أحدث أقدم